درس من نواذييو \ محمد الأمين ولد الداه

يوم أمس؛ شهدت مدينة نواذيبو أحداث شغب وفوضى أثارت الرأي العام وأدت إلى تساؤلات عميقة حول الأسباب والدوافع. هذه الأحداث، التي شارك فيها مراهقون مندفعون، كشفت عن أزمة أعمق تتجاوز سطح الفوضى والمشاهد المحطمة. فالشباب والمراهقون الذين شاركوا في هذه الأعمال هم في الحقيقة ضحايا لخطابات تحريضية ممنهجة من قادة سياسيين يستغلون عواطف الشباب وحماسهم لتحقيق أهدافهم الشخصية والسياسية.

المراهقة  و الشباب فترتان حيويتان  في حياة الإنسان، مليئتان بالطاقة والحماس، وبحث لا يتوقف عن الهوية والانتماء. في هذه المرحلة، يكون الشباب عرضة للتأثيرات الخارجية، خصوصًا عندما يكون هناك فراغ في التوجيه والإرشاد. هنا، يظهر دور  بعض القادة السياسيين الذين يتقنون اللعب على أوتار العواطف، مستغلين حاجة الشباب للشعور بالقيمة والانتماء.

الخطاب التحريضي هو أداة خطيرة يستخدمها بعض السياسيين لبث الفرقة وتأجيج الغضب. هؤلاء القادة يتلاعبون بالعواطف والمشاعر، مستخدمين لغة ملتهبة ووعود زائفة لتحقيق أهدافهم. وبدلاً من تقديم حلول حقيقية لمشاكل الشباب، يقومون بإثارة مشاعر الغضب والسخط، مما يؤدي في النهاية إلى تحويل هذا الحماس الطبيعي إلى فوضى وتدمير.

لنفهم الأسباب الحقيقية وراء هذه الفوضى، يجب أن نحلل السياق السياسي والاجتماعي في ظل أجواء ديمقراطية تنافسية مع طموح جارف لدى الشباب للفعل و التأثير و تطلع إلى مزيد من الاشراك و الحضور و تغيير الواقع . هذه البيئة تخلق أرضًا خصبة لنمو الخطاب التحريضي الذي يستغل الإحباط والغضب الكامن في النفوس.

الأبعاد السياسية لهذه القضية تتجاوز حدود نواذيبو. فاستغلال الشباب لتحقيق مكاسب سياسية هو نمط متكرر في العديد من المجتمعات. القادة الذين يستخدمون هذه الاستراتيجية يعتمدون على زعزعة الاستقرار كوسيلة لتحقيق أهدافهم، غير مكترثين بالثمن الذي يدفعه المجتمع.

لحل هذه الأزمة، يجب على المجتمع بكل فئاته أن يتكاتف لبناء مستقبل أفضل للشباب. يبدأ ذلك بتوفير فرص تعليمية ووظيفية حقيقية، وتوجيه الشباب نحو المشاركة البناءة في الحياة العامة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الإعلام والمجتمع المدني لعب دور أكبر في توعية الشباب بمخاطر الخطاب التحريضي وضرورة التفكير النقدي.

التربية والتوجيه هما مفتاح الحل. فمن خلال بناء وعي سياسي ناضج لدى الشباب، يمكن تحويل طاقاتهم نحو الإبداع والبناء بدلاً من الفوضى والتدمير. وعلى القادة السياسيين تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية، والعمل بصدق وشفافية لتحقيق مصلحة الوطن والمواطنين.

لقد كان مرشحنا محمد ولد الشيخ الغزواني واعياً لحد كبير لهذه التحديات حين قرر في برنامجه طموحي لوطني : انشاء وكالة وطنية بموارد كبرى باسم التمكين تعنى بتشغيل الشباب والمساعدة في انشاء الموسسات وتمويل التشغيل الذاتي وتأطير حملة المشاريع من الشباب ، إضافة إلى سعيه

ادماج البعد الشبابي في كافة السياسات العمومية واشراك الشباب في عمليات صنع القرار.

واستحداث خدمة مدنية وطنية مرنة لتنمية الحس المدني وروح المواطنة لدى الشباب.

أحداث نواذيبو ليست مجرد فوضى عابرة، بل هي مرآة تعكس واقعًا يحتاج إلى معالجة جذرية. وتخطيطاً لتخريب ممنهج  من فئات أصدرت حكما مسبقا على نتائج تقول  بفشل خطاب سياسي تحريضي واضح المعالم في نيل ثقة الشعب .

الشباب هم عماد المستقبل، واستغلال حماسهم في ألعاب سياسية رخيصة هو خيانة للأمانة الوطنية. لذا، يجب علينا جميعًا أن نتعلم من هذه الأحداث ونعمل معًا لبناء مستقبل يليق بطموحات شبابنا وأحلامهم.