تشرفت بحضور حفل افتتاح حملة المرشح المستقل فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، والإصغاء لخطابه الواعد “المنصف”.
وهو تلخيص لبرنامج طموحي للوطن، الذي يحمل الخير والأمل للشعب كافة، وللشباب خاصة في وطن ما زال يتشبث بفخامته ويحتاجه قدر حاجته لاستمرار مسيرة الإنجاز والعمل من غير من ولا أذى أو جعجعة أو مزايدة.
وقد زادني الخطاب قناعة على قناعة وثقة على ثقة في فخامة الرئيس، الذي كان لا فتا حرصه على استمرار المكتسبات الوطنية التي تحققت في عهده وعلى رأسها في المخرج السياسي الانفتاح، والتهدئة ونبذ خطاب الفتنة، وفي المعطى الاجتماعي: استمرار انتشال الضعفاء والمعوزين والأكثر هشاشة من حالة البؤس والشقاء، التي ما فتيء النظام مهموما بها حتى طغت على مأموريته الماضية السمة الاجتماعية، رغم كثرة المنجزات وتعددها في كافة القطاعات، ولا حرج فحسبه أن ينجح في مجال بهذا القدر من الأهمية والأولوية.
بيد أن المستمع للخطاب يتوقف طويلا كما توقف الجمهور كله طويلا – وحيا طويلا – مع نقطتين أحدها عبارة عن وعد لصالح الشباب والأخرى وعيد يطال المفسدين.
أما وعد فخامة الرئيس للشباب فتمثل أولا في أنها مأمورية بالشباب وللشباب، بكل ما تحمله دلالة تعاقب حرفي الجر (الباء واللام) من إشراك شامل في الأولى واستفادة خاصة بهذه الفئة العمرية في الثانية؛ وتمثل الجانب العملي من الوعد ثانيا، في الإعلان عن اعتزام فخامته إنشاء وكالة خاصة بالشباب على غرار تآزر، وستسمى “تمكين”، وحسبك من فهم قيمة المؤسسة مقارنتها بتآزر، وهي بادرة حسنة تؤكد محورية الشباب في مقاربة فخامته للإصلاح بالشباب الغض الطري المترفع عادة عن أوحال المال العام، وطرائق المفسدين الذين لن يكون لهم مكان في المأمورية الثانية كما توعدهم فخامة الرئيس.
نعم – وقد كانت هذه النقطة الثانية التي توقف عندها الجمهور طويلا وحياها طويلا – توعد فخامة الرئيس المفسدين بأنه “لن يكون لهم مكان بيننا” في قادم الأيام، بما يستبطنه ذلك من عقد العزم على تغليب جانب المحاسبة والعقوبة على جانب التسوية والاكتفاء باسترداد المال العام المبدد من المفسد الذي بدده، وكلاهما نهج قانوني متاح؛ ولئن كان فخامته قد غلب الجانب المتعلق بالمحاسبة الإدارية المتمثلة في التفتيش والإعذار بالرد عند وجود أي خلل، في مرحلة صعبة من تاريخ البلد تحتاج الكثير من التهدئة والحكمة في إدارة الشأن العام الذي وصل فيه التأزم إلى شفا الهاوية في العشرية السابقة لحكم فخامته؛ لئن كان قد غلب ذلك في تلك المرحلة فإنه لا يبعد أن يغلب جانب المحاسبة القضائية في المأمورية الثانية كما يفهم من خطابه – على الأقل بالنسبة لي – وهي محاسبة تتضمن الكثير من الحزم والصرامة، والردع الاجتماعي العام كما نسميه معاشر القانونيين.
إن المقاربة الإدارية على نجاعتها المالية، وقدرتها العملية على استرداد المال المبدد أو نسبة معتبرة منه وفي أسرع الآجال الممكنة وأهدأ الظروف المتاحة، لا تخلو من مثلبة انعدام الردع وشيوع التجرؤ على الأموال العمومية تبعا لذلك، فالمفسد يمارس خطيئة الفساد وهو طامع بالظفر على كل حال، فإما أن يفلت من الرقابة والافتضاح وهذا ما يبتغيه أصلا، وإما أن يتم ضبطه وفي أسوأ الأحوال ينتظر أن تتم إقالته وربما الإبقاء عليه في أفق تسديد المبالغ المختلسة أو المبددة، فيبقى رابحا في جميع الحالات.
من هنا تبرز أهمية تفعيل المقاربة القضائية الحازمة التي ما إن يتم تفعيلها – أو زيادة تفعيها على الأصل لأنها لم تكن مهملة بالكلية للأمانة – في عدد من المعنيين، حتى تنحصر ظاهرة الفساد تدريجيا وتزول إلى غير رجعة؛ وهذا ما يتمناه الشعب ويتغياه فخامة الرئيس.
على أن مجتمعنا يجب أن ينتبه إلى أن أي مقاربة من هذا النوع تستدعي قدرا من الوعي والتعاون مع السلطات المختصة، ونبذ المفسدين بدل التغطية عليهم والتضامن معهم من منطلقات قبلية أو جهوية ضيقة كما كان شائعا منذ مدة، وهو تناقض غريب واقع عندنا، وتزيده ظاهرة تنامي تغليب القيم المادية المسفة، على حساب القيم المعنوية النبيلة.